مخيّمات الضفة الغربية والغضب الذي لا يهدأ

التصنيفات : |
ديسمبر 22, 2023 7:15 ص

*حمزة البشتاوي

تشكّل المخيّمات الفلسطينية في الضفة الغربية، والبالغ عددها 19 مخيّما، وهي: قلنديا، جنين، الدهيشة، طولكرم، عين السلطان، عقبة جبر، الجلزون، الفوار، الفارعة، الأمعري، العروب، بلاطة، بيت جبرين، نور شمس، عايدة، دير عمار، عسكر، مخيّم رقم واحد للاجئين الفلسطينيين، شعفاط، إضافة إلى خمسة مخيّمات عير معترف بها من قبل وكالة الأونروا، وهي: قدورة، بير زيت، سلواد، غزة والعوجا.

وقد شكّلت هذه المخيّمات منذ تأسيسها بعد النكبة عام 1948، كابوساً مرعباً للاحتلال الذي يعتبرها قتبلة موقوتة يخشى إنفجارها المدوي الكبير، على صعيد العمليات الفدائية والمواجهات التي تتصاعد في ظل معركة طوفان الأقصى والعدوان على غزة، وقيام قوات جيش الاحتلال بعمليات الإقتحام والإجتياحات اليومية لتلك المخيّمات وخاصة مخيّم جنين وطولكرم والدهيشة ونور شمس، وذلك لإثارة الرعب، وتنفيذ حملات اعتقال وهدم منازل، ومحاولة فرض الهيمنة والسيطرة على المخيّمات عن طريق تصعيد العدوان عليها، لمنعها من المشاركة في العمل المقاوم إسناداً لغزة التي تتعرض لحرب الإبادة.

وتمثّل مخيّمات الضفة الغربية منذ ما قبل معركة طوفان الأقصى، عنواناً بارزاً للمواجهة، كونها تشكّل جغرافياً وديمغرافياً خط التماس الأول في مواجهة عصابات المستوطنين المسلحة، وجيش الاحتلال الذي يشنّ عليها حرباً شاملة، بسبب دورها الفاعل في المقاومة ضد التهجير والإستيطان، وبوصفها العنوان الأكثر وضوحاً للقضية والمعاناة الفلسطينية.

حيثما يوجد الاحتلال توجد المقاومة، وهي تعلو ولا تخبو وتحافظ على حضورها الثوري بالعطاء الذي لا يعرف الكلل أو التعب

وقد فشل الاحتلال فشلاً ذريعاً في كسر مقاومة المخيّمات وتصفية المقاومين وقاعدتهم الشعبية، بل إنّ الحاضنة الشعبية للمقاومة فيها تحولت إلى حاضنة فلسطينية شعبية عامة في المدن والمخيّمات التي تخوض عمليات الإشتباك اليومي كجزء من تفاصيل حياة أبنائها المرتبطة عميقاً بحالة اللجوء وبما يحيط بغزة والقضية الفلسطينية من مخاطر وتحديات، وسط معادلة ثابتة لديهم بأنّه حيثما يوجد الاحتلال توجد المقاومة، وهي تعلو ولا تخبو وتحافظ على حضورها الثوري بالعطاء الذي لا يعرف الكلل أو التعب، وانطلاقاً من الضرورة والأهمية والإستراتيجية للعمل المقاوم في عموم الضفة الغربية ومخيّماتها، والتصدي لحرب الإبادة على قطاع غزة، أُقيمت المسيرات العارمة واندلعت مواجهات واشتباكات ما زالت مستمرة، خاصة عند نقاط التماس، حيث استُشهد وجُرح واعتُقل المئات والآلاف من أبناء الضفة والمخيّمات، وكان لافتاً استخدام سلاح الجو الإسرائيلي طائراته ومسيّراته في المواجهات وعمليات الإغتيال وقصف عدد من الأماكن والنقاط داخل المخيّمات.

لكن رغم تصاعد الفعاليات والمواجهة غابت حتى الآن العمليات الفدائية النوعية، التي تتميز بها الضفة الغربية، إرتباطاً بالحالة الثورية فيها لدى المجتمع والفصائل والأفراد

لكن رغم تصاعد الفعاليات والمواجهة غابت حتى الآن العمليات الفدائية النوعية، التي تتميز بها الضفة الغربية، إرتباطاً بالحالة الثورية فيها لدى المجتمع والفصائل والأفراد.

مع التأكيد بأنّ غضب الضفة لن يهدأ، وستكون هناك ردود أقوى على المجازر والعدوان الهمجي على غزة وعلى العمليات العسكرية العدوانية في الضفة، ومنها ما حصل في مخيّم جنين الذي تعرّض لأكثر من 15 عملية إقتحام منذ بداية معركة طوفان الأقصى، ومخيّم نور شمس الذي استُشهد فيه خلال عملية إقتحام واحدة 13 شاباً من أبنائه، إضافة للدمار الواسع وتجريف الشوارع وتخريب الممتلكات والإعتداء على المقدسات.

وهذا يؤشر إلى شكل المواجهات القادمة بين قوات الاحتلال والمخيّمات في الضفة التي اعتادت على إنجاب الأبطال في مسيرة المقاومة، دفاعاً عن الحقوق المشروعة وفي مقدمتها حقّ العودة، والقدس، رافضين كل محاولات طمس الهوية وتزوير الثقافة والتراث الوطني وتحويل البلاد عبر المجازر إلى مقبرة، مهما بلغت التضحيات.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,