المجتمع الأهلي الفلسطيني في مخيّمات لبنان يدعو إلى مواجهة الهجمة المشبوهة على “الأونروا”

التصنيفات :
مارس 13, 2024 12:54 م

تتابع المؤسسات والجمعيات والمبادرات الفلسطينية عن كثب الأزمة الأخيرة المفتعلة والتي تستهدف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” وتسعى إلى إنهاء عملها في محاولة للضغط على الفلسطينيين من أجل تقديم تنازلات سياسية تتعلق بحقوقهم الأساسية ولا سيما إنهاء الاحتلال وتقرير المصير وعودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم التي شُردوا منها بالقوة.

ففي خطوة مفاجئة وفي سياق تصعيد خطير لا يخرج عن كونه إجراءً عقابياً من قِبل دول الغرب وعلى رأسها واشنطن؛ قررت تلك الدول قطع التمويل عن الوكالة تحت ذريعة مشاركة عدد من موظفيها في قطاع غزة في عملية طوفان الأقصى، رغم أنّ هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها التي تستهدف إنهاء وجود “الأونروا” حيث سبقتها خطوات مماثلة في مناسبات مختلفة كان آخرها وأخطرها قيام إدارة الرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب بتعليق التمويل البالغ 300 مليون دولار عن الوكالة صيف العام 2018، في سياق تفاهم أمريكي- صهيوني يهدف إلى حسم قضايا الحل النهائي من جانب واحد وتصفية القضية الفلسطينية كليا.

وقد جاءت تلك الخطوة المشبوهة واللامسؤولة في وقت يعاني فيه سكان القطاع من حرب إبادة أدت حتى الآن إلى استشهاد أكثر من 30 ألف إنسان أغلبهم من النساء والأطفال وجرح حوالي 70 ألف آخرين وتشريد أكثر من 1,8 مليون إنسان وخلّفت دماراً واسعاً بات يقارن بما شهدته مدن أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، عدا عن الحديث عن اقتراب شبح مجاعة ستشمل أكثر من 2 مليون إنسان في القطاع وفق تقارير إنسانية دولية، ناهيك عما تشهده مدن وقرى الضفة الغربية من اقتحامات القوات الصهيونية وقطعان المستوطنين الإرهابيين واعتداءاتهم على السكان وعمليات الاغتيال والاختطاف والاعتقال وإعدام الجرحى، حيث لا تزال حادثة اقتحام مشفى ابن سينا الإرهابية الجبانة ماثلة في الأذهان. يضاف إلى كل ذلك الأوضاع المعيشية القاسية والظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ولبنان نتيجة للأزمات المتكررة من حروب وأوضاع أمنية وسياسية واقتصادية هشة تشهدها المنطقة برمتها وخاصة مخيّمات اللاجئين.

لقد جاء قرار إنشاء “الأونروا” في العام 1949 نتيجة مباشرة لنكبة العام 1948، التي أدت إلى تشريد أكثرمن 800 ألف فلسطيني (بات عددهم اليوم أكثر من 6 ملايين لاجئ) بعد تدمير مدنهم وقراهم على أيدي العصابات الصهيونية. وباتت، منذ ذلك الحين، المنظمة الدولية المسؤولة عن توفير المساعدات والخدمات الإنسانية الأساسية من غذاء وصحة وتعليم للاجئين الفلسطينيين.

وإنّنا كمؤسسات مجتمع مدني فلسطيني إذ ندين هذه الخطوة يهمنا التأكيد على ما يلي:

أولا: إنّ قطع التمويل عن “الأونروا” بهدف إنهاء وجودها هو خرق فاضح للقوانين الدولية الإنسانية وكافة الأعراف والمواثيق التي نصّت على حقّ اللاجئين الفلسطينيين في الحصول على احتياجاتهم الإنسانية الأساسية من غذاء ومأوى وتعليم وصحة. وانتهاك صريح من قِبل واشنطن والدول الدائرة في فلكها لالتزاماتها وفق أحكام معاهدة الإبادة الجماعية والقرار الذي صدر مؤخراً من قِبل محكمة العدل الدولية القاضي بضرورة توفير الخدمات والمساعدات الإنسانية العاجلة باعتبارها أمراً بالغ الضرورة من أجل منع حدوث إبادة جماعية.

ثانيا: إنّ الخطوة الآنفة الذكر تندرج تحت بند سياسة العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني ولا سيما سكان قطاع غزة الصامد، في أحلك الظروف التي يمرون بها من قتل وتشريد وتنكيل على مسمع ومرأى من العالم.

ثالثا: قطع التمويل هو رضوخ من قِبل المجتمع الدولي وفي مقدمته واشنطن والدول المذكورة أعلاه للاملاءات الصهيونية وتواطؤ مباشر مع مشروع التطهير العرقي ونظام الفصل العنصري الذي يمارسه الاحتلال ضد أصحاب الأرض الشرعيين. وهو انتهاك لأحكام معاهدة الإبادة الجماعية ومبادئ القانون الدولي، لا سيما تلك المتعلقة بتوفير الخدمات العاجلة والمساعدات الإنسانية حيث شددت المحكمة على أنّ توفير الخدمات الأساسية وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة أمر بالغ الضرورة من أجل منع الإبادة البشرية.

رابعا: ندعو الدول المعنية للتراجع الفوري عن هذه السياسات الانتقامية وللضغط على حكومة الاحتلال لإيقاف عدوانها على شعبنا في غزة فوراً والالتزام بالقوانين والقرارات الأممية والشرعية الدولية التي تنص على إنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين إلى أرضهم.

خامسا: ندعو المجتمع الدولي إلى الالتزام بمسؤولياته تجاه “الأونروا” باعتبارها شاهداً أممياً على نكبة الشعب الفلسطيني وضرورة الحفاظ على مؤسساتها من أجل الاستمرار في تقديم برامجها وخدماتها والقيام بمهامها إلى حين تطبيق القرار الأممي 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار.

وفي الختام، نهيب بقطاعات شعبنا وقواه السياسية والاجتماعية وكافة الهيئات والأطر المؤيدة للقضية الفلسطينية إلى التعامل مع المسألة بأعلى قدر من الجدية والسير نحو اتخاذ خطوات تصعيدية لمواجهة هذه الهجمة المشبوهة في حال عدم تراجع الأطراف المعنية عن موقفها.

مؤسسات المجتمع الأهلي الفلسطيني في مخيّمات لبنان

12/03/2024


وسوم :
, , , , , , , , , ,