بايدن ونتنياهو: مَن يحكم مَن؟

التصنيفات : |
مارس 20, 2024 6:00 ص

*موسى جرادات

منذ بدء معركة طوفان الأقصى وحتى يومنا، ما تزال لحظة انتهائها لم تُحسم بعد.

هناك إدراك في الوعي الدولي أنّ الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة جو بايدن، ومنذ اللحظة الأولى لاندلاعها تمتلك زمام المبادرة على جميع الأصعدة، فهي التي وفّرت كل السبل المادية والسياسية لحكومة الاحتلال لخوض الحرب واستمرارها حتى هذا الوقت، على قاعدة التحالف الاستراتيجي الذي تبنيه أمريكا مع كيان الاحتلال.

والمتابع لمحطات التحالف يدرك أنّ الولايات المتحدة الأمريكية معنية بتحقيق “إسرائيل” نصراً حاسماً على المقاومة الفلسطينية، وأنّ خطوط التفاهم المبنية بينها وبين الاحتلال تأتي ضمن مقاربة واحدة، سواءً بالرؤية الاستراتيجية أو حتى في التفاصيل العملانية لإدارة المعركة، وأنّ كل ما فعلته “إسرائيل” جرى تحت الغطاء الأمريكي.

كل المؤشرات تقول إنّ المساعي الأمريكية لإحداث اختراق جدي في هذا المجال لم تؤتِ أُكُلُها بعد، مع التأكيد على جملة من الثوابت التي تقول إنّه لا حرب إقليمية ولا تصعيد يقود إليها، وإنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تمتلك كل مفاتيح إنهاء الحرب

لكن، من أسابيع قليلة برزت بعض المؤشرات على وجود خلافات محددة في إدارة الحرب، من خلال تصريحات متنوعة جرت على ألسنة القادة الأمريكيين، والتي تصبّ جميعها في خانة إنهاء الحرب، وفق رؤى وتصورات صانع القرار السياسي الأمريكي، الذي اصطدم بتعنت ورفض من كيان الاحتلال، عبر هذا الرفض عن نفسه، من خلال تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو، الذي حاول منذ البداية أن يجر الولايات إلى خوض معركة كبرى ضد محور المقاومة، معتقداً أنّ هناك فرصة تاريخية قد لاحت في الأفق للتخلص كلياً ونهائياً من هذا المحور، ليتفرّغ بعدها الكيان الصهيوني بالهيمنة المباشرة على كل المنطقة، حيث أوضحت تصريحات نتنياهو أنّ النصر الحتمي الذي يريده هو الذي سيجلب العالم العربي والإسلامي إلى مائدة التطبيع دون شروط، وعلى الرغم من دخول الحرب شهرها السادس ولم ينقشع غبار النصر الموعود بفعل صمود غزة بأهلها ومقاومتها، حاولت الولايات المتحدة استجلاب النصر من خلال طاولة التفاوض التي تعدّدت عواصمها، وحتى هذه اللحظة ما تزال المحاولة الأمريكية قائمة مع أنّها فشلت في الجولات السابقة، فكل المؤشرات تقول إنّ المساعي الأمريكية لإحداث اختراق جدي في هذا المجال لم تؤتِ أُكُلُها بعد، مع التأكيد على جملة من الثوابت التي تقول إنّه لا حرب إقليمية ولا تصعيد يقود إليها، وإنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تمتلك كل مفاتيح إنهاء الحرب، أما جوهر الخلاف مع كيان الاحتلال يتعلق فقط بشكل الحكومة اليمينية التي استُهلكت شعارات دون أن تقدّم أي إنجاز عسكري أو سياسي على الأرض، فهي ما تزال ملتزمة بأمن “إسرائيل” وفق منظرها وليس وفق منظور اليمين الحاكم فيها، وهذه هي المعضلة الحقيقية التي تواجهها الإدارة الأمريكية، لهذا تحاول جاهدة أن تعد مشروع  قرار في مجلس الأمن الدولي ينص على وقف الحرب، لكن دون لوازم فعلية لتحقيق وقف إطلاق النار وفي  طي القرار تصنيف حركة حماس كمنظمة إرهابية، وبهذا تصطاد عصفورين بحجر واحد، الأول عبر تقنين وضبط حكومة الاحتلال وفرض مسار سياسي عليها، والثاني استبعاد المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها “حماس” من أي حراك سياسي مستقبلي، مع أنّ مشروع القرار ووفق مصادر إعلامية سيواجَه بفيتو روسي، لأنّه مشروع غير واقعي ولا يلبي الحاجات الفلسطينية المشروعة.

تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ إمكانية خسارة بايدن في الانتخابات الرئاسية أصبحت قاب قوسين أو أدنى، بفعل المواقف الأمريكية الداعمة لكيان الاحتلال

والصحيح أنّ المعضلة الأمريكية الحالية سببها الأساسي هو الفشل العسكري للكيان الصهيوني، الذي أدى إلى لحظة انكشاف فعلي لآلية التوحش الغربي الصهيوني، وأدى أيضاً إلى ولادة حالة من التململ الدولي وولادة حالة دولية شعبية رافضة للهيمنة الأمريكية، فرضت نفسها حتى داخل البيت الأمريكي، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ إمكانية خسارة بايدن في الانتخابات الرئاسية أصبحت قاب قوسين أو أدنى، بفعل المواقف الأمريكية الداعمة لكيان الاحتلال.

يدرك نتنياهو أنّ أزمة بايدن اليوم لا تقل خطورة عن أزمته السياسية، لهذا يسعى جاهداً لاستهلاك الدعم الأمريكي، دون أن يتزحزح عن مواقفه المعلنة، لكن ما ينتظره في هذا المسار غير محدد المعالم، فربما تحسم الإدارة الأمريكية موقفها وتفعل كل قدراتها في سبيل التخلص من نتنياهو قبل أن يقودها إلى متاهة لا تنتهي.

*كاتب فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,