الأسير وليد دقة شهيداً

التصنيفات : |
أبريل 8, 2024 6:00 ص

استُشهد الأسير وليد دقة (62 عاما) من بلدة باقة الغربية في الداخل المحتل، أمس الأحد، بعد تدهور وضعه الصحي نتيجة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وأكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، في تصريح مقتضب، ارتقاء الأسير وليد دقة المصاب بالسرطان.

وكان الأسير دقة يمكث في مستشفى “آساف هاروفيه” الإسرائيلي في حالة صحية صعبة نتيجة إصابته بسرطان النخاع الشوكي، الذي يُعد حالة طبية نادرة، وإهمال الاحتلال له.

وكان العديد من الجهات نظّم حملات تطالب بالإفراج عن الأسير دقة قبل استشهاده، وآخرها منظمة العفو الدولية، أمس، التي أكدت تعرضه للتعذيب والإهانة، وحرمان عائلته من زيارته.

وتعود حالة الأسير دقة المرضية للعام 2022، عندما شُخّص بالإصابة بسرطان النخاع الشوكي ومشاكل أخرى من بينها أمراض تنفسية والتهاب في الرئة اليمنى.

وكان الأسير دقة أنهى محكوميته البالغة 37 عاما في آذار/ مارس 2023، لكنّ الاحتلال ما زال يعتقله تعسفياً بعد إضافة عامين على حكمه لاتهامه بـ”مساعدة الأسرى بالاتصال مع عائلاتهم”. 

وكان محامي الأسير وليد دقة قدّم طلباً للإفراج المبكر عنه لخطورة وضعه الصحي، في ما رفض الاحتلال ذلك.

يُشار إلى أنّ الأسير الشهيد دقة لديه طفلة واحدة أُنجبت عام 2020 بعد نجاحه بتهريب نطفة، أسماها “ميلاد” لتكون ميلاداً للبشارة حاملة نور المحبة والسلام.

رجل الكهف المثقّف

أكمل دراسته في المعتقل وحصل على الماجستير، ويُعد من أبرز الأسرى المنظّرين، وصدرت له عدة مؤلفات، أبرزها: “صهر الوعي” و”الزمن الموازي” ورواية “حكاية سرّ الزيت”، التي نالت جوائز محلية وعربية.

اقترن اسم وليد بـ”الزمن الموازي”، وهي رسالة كتبها في اليوم الأول من عامه الـ20 في الأسر، عن فلسفة زمن الأسرى وزمن من هم خارج الأسر.

وقد بلوّر هذا المفهوم في 3 نصوص جاءت على شكل “رسالة الزمن الموازي” عام 2005، ومسرحية غنائية بعنوان “حكاية المنسيين في الزمن الموازي” عام 2011، ثم “مسرحية الزمن الموازي” التي أنتجها مسرح الميدان في حيفا وأطلقها عام 2014.

وقد سمّى نفسه “رجل الكهف” الذي ينتمي إلى عصر انتهى، لأنّه قضى معظم سنوات حياته في السجن، ورفضت “إسرائيل” الإفراج عنه أكثر من مرة.

المسار والمصير

في مخطوطة سيرة ذاتية جمعها الباحث عبد الرحيم الشيخ للنشر، ذكر وليد أنّ أمه فريدة لم تكمل رضاعته لأسباب صحية، فأرضعته امرأة من أصول أفريقية مع طفلها.

وتابع أنّه في سنوات طفولته الأولى، كان يتنقل رفقة والدته من قريته باقة إلى مستعمرة “الخضيرة” في رحلة علاج لمدة عام ونصف في مستشفى “هلل يافي”، وبعد أن غادره أورث مرضاً عصبياً رافقه طوال حياته.

في التاسعة من عمره، بكى الطفل وليد مع والده الذي خسر -كأبناء جيله- تجارته وأعلن إفلاسه بعد نكسة عام 1967 ببضع سنوات. وحكى أنه رغم الحاجة لم يقبل عرض عمل في شركة من مسؤول إسرائيلي في الضفة الغربية.

عاش وليد في صباه ومراهقته قسوة واقع الاحتلال، التي حفّزته على الالتحاق بالعمل الفدائي، فانضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1983، وانتسب إلى خلية عسكرية، وفي عام 1984، كان من بين 3 عناصر من مجموعته تمّ اختيارهم لتلقّي تدريبات عسكرية وأمنية.

ساهم لاحقاً في تشكيل جهاز عسكري سري يعمل في الداخل المحتل، حيث سافر إلى سوريا، وتلقى تدريبات لمدة شهر في أحد المعسكرات التابعة للجبهة قرب الحدود الأردنية.

كانت مهمة الجهاز، جمع المعلومات حول قادة ومسؤولين إسرائيليين شاركوا في اجتياح لبنان، وارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا؛ واختطاف عسكريين بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين وعرب معتقلين في السجون الإسرائيلية.

عمل وليد في هذا الجهاز مدة عامين قبل أن تعتقله سلطات الاحتلال، وتتهمه مع الشهيد إبراهيم الراعي ورشدي أبو مخ وإبراهيم بيادسة، بقتل الجندي موشي تمام.

من داخل معتقله، صار عضوا في حزب التجمع الوطني الديمقراطي عقب تأسيسه عام 1995، وهو حزب فلسطيني في الداخل المحتل، وانتُخب غيابياً في لجنته المركزية.

يقول الأسير الشهيد وليد دقة في كتابه “صهر الوعي أو إعادة تعريف التعذيب”: “أكثر ما آلمني هو أنّني عايشت في الأسر الجد والابن والحفيد، وشعرت بأن ثمَّة سيناريو يعيد نفسه، وكأن السجن تركة يرثها الأبناء والأحفاد عن الأجداد”.

*المصدر: وكالة صفا + الجزيرة


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , ,